ماذا تعرف عن الإيمان؟
الإيمان (المقصود في هذا المقال) لا يتعلق بالجانب الديني الذي قد يوحي به العنوان..
التعريف الشرعي للإيمان (كما تعلمناه في المدرسة) هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.. أما التعريف النفسي (وهذا هو موضوعنا اليوم) فهو التصديق بالشيء، والاقتناع به دون دليل، أو برهان يثبت وجوده، كأن تؤمن بالغول، والسعلية، والتعاويذ السحرية، دون القدرة على إثبات وجودها..
والإيمان بالشيء يصبح بسرعة (ومنذ طفولة الإنسان الأولى) جزءاً من تركيبته الشخصية والذهنية، وبنائه الفكري والثقافي.. ولهذا السبب لا يمكنك دحض الإيمان بالعقل أو المنطق، أو من خلال تقديم دليل نفي أو إثبات.. في العالم أكثر من ستة آلاف ديانة يفرض كل منها إيماناً مختلفاً لا يصدق به غير أتباعه. ولكن المؤمنين بشتى تنوعاتهم -وفي أي تاريخ وموقع- لا يحتكمون للعقل أو المنطق، ولا يقبلون أي أدلة، وبراهين مهما كانت قوية وقطعية.. ما يهمهم (كما قلت في مقال سابق) هو فقط: هل أنت معهم أو ضدهم..
وفي المقابل قد يضطر البعض للتسليم بأشياء لا يؤمنون بها بسبب قوة السلطة، أو ضغط الثقافة، أو طغيان السائد.. ليس أدل على ذلك من سادة قريش الذين دخلوا فجأة في الإسلام (بعد فتح مكة)، في حين لم يفعلوا ذلك خلال ثلاثة عشر عاما من الدعوة السلمية (قبل الهجرة النبوية للمدينة المنورة).. معظم القبائل دخلت الإسلام بعد قيام دولة الإسلام إما خوفاً، أو طمعاً، دون أن تؤمن فعلا بدليل قوله تعالى "قالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ"..
وهذا لوحده يثبت أن الناس (في أي مجتمع) ينقسمون دائما بين مؤمنين يتبنون غيبيات لا يملكون حولها دليلا، أو مؤلفة قلوبهم (بحسب المصطلح الشرعي) يسايرون المجتمع دون قناعة فعلية بها.. نقلا عن الرياض
لا يوجد تعليقات